
حيدر إبراهيم علي (1) جعل إسلامويو الإنقاذ من الوطن بعد احتلاله الداخلي، شيئا يطابق لوحة سريالية بامتياز. إذ يختلط الخيال بالواقع، والوعي بالوهم، والحقيقة بالكذب. وتأتي خطبهم واحاديثهم لتصف مكانا غير السودان، وكأنه قد اوحي لهم به جند سليمان. وحين يخطبون في المحافل، تحسبهم سكاري، وماهم سكاري ببنت الكرم، ولكن بخمر السلطة والتي وجدت قبل أن يخلق العقل. ويقدمون هلوسات بجرأة ووقاحة لا نظير لها بين الناس الطبيعيين. تصور أنهم يتحدثون عن صعود الإسلام في السودان، والحرية والديمقراطية، والمساواة في فرص العمل!فالمشكلة أننا نظن أنهم يفكرون مثلنا أو مثل الناس الطبيعيين. هذه جماعة تتميز بالشذوذ العقلي لأنهم لا يدركون أو يتعمدون الهرب من رؤية واقع منهار ومهترئ يري بالعين المجردة ويوميا. هذه الحالة الراهنة تشبه كوميديا سوداء، أومسرحية كتبها (بيكيت) أو (يونسكو) ، وقد تكون رواية يسردها (كافكا) مثل: المحاكمة أو المسخ. كل هذا ممكن ومحتمل، ولكن أن تكون حياة لشعب عظيم مثل الشعب السوداني، يستحق الكرامة والإعزاز؛ فهذا هو الجنون والجحيم والظلم عينه. لذلك من الخطأ والعبث التعامل مع هذه الجماعة بلغة المنطق والحوار والفكر والحديث الراقي. فهذه جماعة أقرب إلي العصابة أو المافيا منها إلي الحركة السياسية. وذلك، لأنها تعشق الكذب، ويخلو صدرها من تأنيب الضمير والوازع الأخلاقي. فعلي سبيل المثال، تزامن مؤتمرهم مع حادثة الصحافية سمية هندوسة، وهو حادث يهز أي ضمير حي. ولكنهم قسّموا العمل: مجموعة تتحدث عن الشوري وسماحة الإسلام في قاعات المؤتمرات المكيّفة، بينما مجموعة أخري من نفس التنظيم والجسم الحاكم، تقوم بالتعذيب وإذلال المواطنين في مباني الأمن بموقف شندي. وهذا يكفي لتكون مجرد عصابة مثل التي تسطو علي المنازل ليلا. فقد "نطّوا" علي وطن نامت نواطيره عن ثعالبها، وقد بشمن ومازالت النواطير نائمة أو تطالب بنصيبها من العناقيد. أعادنا الإسلامويون إلي فترة ما قبل دولة --- أكثر