
كمال الجزولي انصبَّ نقدٌ كثيف، مؤخَّراً، على قادة حركات الإسلام السِّياسي في المنطقة، كونهم، وهم الذين تبرَّأ أغلبهم أمام شعوبهم، أوان ربيع "الدِّيموقراطيَّة" العربي، من تجربة النظام "الانقلابي" في السُّودان، لم يستنكفوا أن يتباروا، خلال نوفمبر المنصرم، في مباركة "المؤتمر الثَّامن" لـ "الحركة" التي لطالما سُمِّيت في هذا البلد بـ "الإسلاميَّة"، مُعرَّفة هكذا بالألف واللام، قبل أن تضعضعها صراعات أفيالها "الانقلابيَّة" على السُّلطة، وتتهدَّدها بالفناء. ولئن كان "المؤتمر" تعبيراً "ديموقراطيَّاً"، و"المؤامرة" صيغة "انقلابيَّة"، فإن المصابيح لم تكد تنطفئ داخل القاعة التي شهدت انعقاد ذلك "المؤتمر"، ولم يكد الضيوف ينهضون إلى بلدانهم، و"المنتصرون" يتباهـون بـ "كسبهم"، حتى دوَّى، فجر الخميس الحادي والعشرين من نوفمبر 2012م، نبأ "مؤامرة" نُسبت إلى نافذين ذوي أثر وخطر، عسكريين ومدنيين، داخل السُّلطة نفسها، مِمَّن رجَّحت مصادر أمن النِّظام انتماءهم إلى كتلة "المهزومين" يستهدفون بـ "شموليَّة الانقلاب" ما أعجزهم بـ "ديموقراطيَّة المؤتمر"! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) لكن أيُّ ديموقراطيَّة؟! لقد ظلت الانقلابات تلازم، في واقع الأمر، تجربة الإسلام السِّياسي في حكم السُّودان، بدءاً من انقلاب الثَّلاثين من يونيو 1989م، وما أعقبه من انقلاب اتَّخذ شكل اجتماع لمجلس شورى الحركة، وانتهى بحلها، وتوزيع المصاحف على ذوي السَّبق من أبكار قادتها، ربما ترميزاً لحسن الخاتمة (!) فضلاً عن الانقلاب الثَّالث الذي أطاح بنافع علي نافع وصلاح قوش وبعض كبار ضبَّاط الأمن بعد فشل محاولة اغتيال حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995م؛ والانقلاب الرَّابع الذي أطاح، عام 2009م، بصلاح قوش، بعد أن عاد ووحَّد الأمن الدَّاخلي والخارجي كليهما في جهاز واحد تربَّع عل --- أكثر