
بابكر فيصل بابكر أشرت مراراً إلى أنَّ أحد أدواء الآيديولوجيا يتمثل في أنها تزوِّد صاحبها بقناع يحجب رؤية الواقع كما هو, و يخلق لديه وعياً زائفاً بحيث يرى واقعاً آخراً "مرغوباً فيه" ولكنهُ غير موجود على الأرض, هو مُجرَّد "وهم" وأماني وأحلام, و بمرور الوقت, و الإنغماس في وحول الآيديولوجيا وزيفها يتحول هذا القناع إلى "جدار" عازل يفصل الشخص بصورة كاملة عن رؤية الحقيقة كما هى, وفي إطار الصراع مع معطيات الواقع الحقيقية يوفر " الإنكار" أحد آليات الدفاع المُهمَّة التي تمنح الشخص راحة نفسية في عزلته المجيدة أو - إن شئنا الدِّقة - في غيبوبته عما يدور حولهُ من شواهد ماثلة و وقائع ملموسة غير قابلة للجدال والنفي والرفض. من بين التصريحات التي تعكس التفكير "الرغبوى" الذي يغالط الحقائق الماثلة على الأرض ما قال به مستشار الرئيس الدكتور نافع لصحيفة "إفريقيا اليوم" حول الإقتصاد السوداني. قال : (نحن ندير الاقتصاد السوداني بطريقة علمية، وأجزم أنه لم يدار بهذه الطريقة من الشفافية والحرفية منذ الاستقلال ). إنتهى يحقُ للدكتور نافع أن يُدافع عن الطريقة التي أدرات بها الإنقاذ الشأن الإقتصادي للبلاد طيلة العقدين الماضين, ولكن ليس من حقه أن يطلق كلاماً في الهواء غير مدعوم بالحقائق إذ أنَّ الخطاب العاطفي المُرسل لا يُجدي في نقاش أمرِ لا يُجليه شىء مثل "الأرقام". الطريقة "العلمية" التي "يجزم" الدكتور نافع أنَّ الإنقاذ أدارت بها الإقتصاد السوداني, وهى طريقة يزعم أنَّها غير مسبوقة في تاريخ الحُكم الوطني منذ "الإستقلال" يُمكن تلمس نتائجها في العديد من الجوانب التي سأكتفي بإيراد أمثلة محدودة لها تتعلق بالصادرات والديون الخارجية وقيمة العملة والإدارة المالية. تبنَّت الإنقاذ نهج الإعتماد على الذات , الذي ترجمتهُ في الشعار المعروف "نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع", وقد إنتهى هذا النهج إلى فشل غير مسبوق في تاريخ السودان الحديث, وتحوّل الشعار إلى "نأكل --- أكثر