
محجوب محمد صالح المشهد السياسي في السودان مرتبك ومربك في آن واحد وليس ذلك مستغربا في بلد تحاصره مشاكل سياسية وآمنية وإقتصادية بالغة التعقيد وقد انفرد بإرادته فصيل واحد من فصائل العمل السياسي على مدى ربع قرن من الزمان دون مشاركة حقيقية في السلطة والثروة ودون إسهام من أي طرف آخر في صناعة القرار وظل التعامل مع الأزمات الموروثة والمستجدة بيد مجموعة قليلة من المسيطرين على أزمة الأمور دون توسيع دائرة المشاركة حتى داخل المجموعة الحاكمة نفسها. لقد ظل كثير من المعلقين والمحللين يراهنون على قدرة السودان في إحداث مفاجاءات اللحظة الأخيرة والخروج من الأزمات بأقل الخسائر عندما تضيق حلقات الأزمة ولكن يبدو أن هذه القدرة قد تآكلت وانتهى عمرها الإفتراضي خاصة في مواجهة أزمة شاملة وعلى كافة المستويات ولن يعالجها إلا تغيير شامل يخاطب جذور المشاكل لا التصدى لمجرد اعراضها او مظاهرها السطحية وهذه تحتاج الى نشاط جماعى وإلى رؤية مشتركة والى تنظيم محكم وإلا فإن عقد الوطن سينفرط ولا تستطيع أي دولة أن تحتمل تبعات حروب داخلية محتدمة على مدى سنوات على أرضها وتهديدات بحروب خارجية مع دول الجوار وفقر تتسع رقعته وهوة تفصل بين عامة الشعب والقلة المتنفذة التى احتكرت الثروة والسلطة وأزمة اقتصادية تحاصر المواطن فتزيده فقرا وتضعف قدرته فى الحصول على أبسط مقومات الحياة. لقد استحكمت الأزمة وضاقت حلقاتها إذ يواجه النظام الحاكم الآن: أولاً: يواجه حروباً ساخنة في دارفور وولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق تستنزف موارد بلد يعاني من أزمة إقتصادية خانقة والقليل الذي يتيسر له يذهب للصرف على هذه الحروب العبثية التي تنخر في جسد الوحدة الوطنية ولن تحل مشكلة بل تزيد الصراع الداخلي وتخلق من المرارات مايسمم مستقبل الوحدة الوطنية. ثانياً: أفتقد السودان جزءاً عزيزاً من الوطن بإنفصال الجنوب وكان المبرر أن إنفصالاً يحقق سلاماً أفضل من وحدة تورث حرباً أهلية – لكن الأمر إنتهى إ --- أكثر