
أحمد نصر الله لم تكن الطائرة "الرئاسية" التي تحاول الحكومة السودانية عن طريقها الحفاظ على ماء الوجه لنقل جثمان فقيد الوطن الفنان المبدع محمود عبدالعزيز، يمكنها أن تنسي الشعب السوداني الحقيقة المرة، وهي أن الشاب الذي خطفه الموت قبل أن يكمل مسيرة فنية ناجحة عرفها القاص والدان، ووصل صوته للمرة الأولى بأغان شبابية للعالم العربي على أقل تقدير، راح ضحية تدهور الصحة في ربوع البلاد، بعدما لم يجد الفنان جرعة علاج على أرض آبائه وأجداده، فغدا رهين رحلة الموت التي أبعدته عن محبيه حتى في أحلك الظروف وأصعبها، وأبعدت محبيه وعشاقه عنه في آخر لحظات عمره. من قتل محمود عبدالعزيز؟ ربما يكون سؤالا غير واضح المعالم، إذا قلنا أن محمود راح بالصدفة إلى الأردن ليعود إلينا جثة هامدة، بعدما تلقاه الموت هناك، لكن الحقيقة تقول أن فنانا المبدع راح أشبه بجثة خامدة على طائرة سارعت بنقله إلى هناك لعله يجد جرعة دواء، بعدما فشلت المصحات الخاصة التي يديرها أشاوس الحكومة في علاجه، لتجد أسرته نفسها مضطرة لقبول الأمر الواقع في السفر إلى الخارج، ويحرم بقية أهله من معاودته حتى آخر لحظات حياته، فيما حرم الملايين من عشاقه من أن يعبروا عن حبهم ولو بوقفة أمام غرفته التي يعالج فيها. من قتل محمود عبدالعزيز؟ ربما يكون السؤال مقبولا، إذا علمنا أن الرئيس البشير نفسه، مع وعكة بسيطة لإزالة عينة من حلق الرئيس طار بطائرة خاصة ليحط رحاله وسط من عرفوا بالكرم والشهامة، طالبا العلاج في أرقى مستشفيات السعودية، ليعلن أنصاره ووزرائه أنها مجرد عينة لا ترقى لمستوى القلق، وكأنهم أرادوا أن يغرق الشعب في فوضى الوراثة حتى وإن كان الرئيس نفسه عقيما، لكن النظام الذي ابتلي به الشعب للأسف كان له أبناء أشبه بأخوة يوسف الذين أبوا له الخير، فألقوه في جب مظلم، فيما ليس بين شعبنا لا عزيز ينتشله، ولا حتى امرأة عزيز تراوده عن نفسها، قبل أن ينقذه الله بدعائه واستغفاره. من قتل محمود عبدالعزي --- أكثر