
أسطورية شخصية محمود عبد العزيز.. حولته من حالة جمالية، إلى حالة سياسية غير قابلة للتحليل.. كان رحيل المطرب الشاب المفاجئ وتعلق جمهوره به بشكل عاطفي لا يصدق جعل هذا الفراق العظيم يتفجر في فيضانات من الحزن الذي أخذ يكتسح شوارع العاصمة في مدنها الثلاث.. فكان الذهول يخيم فوق رؤوس الناس.. وهم يتساءلون عن السبب الحقيقي وراء تدفق الجماهير بهذا الشكل الكاسح!. فلم يحدث في تأريخ العاصمة ان خرجت الجماهير بهذا الكم الهائل الذي يفوق كل التوقعات.. وبسبب ضعف النقد الفني في السودان.. فإن الظاهرة هذه لم تجد تفسيراً منطقياً يعتمد على منهج نقدي يؤدي لكشف الظاهرة وقراءتها بشكل سليم، يعتمد على معطيات منطقية ترجع الظاهرة إلى مسبباتها التي شكلتها بهذا الشكل.. وكثرت التحليلات.. وسال حبر كثير في الكتابة عن الظاهرة.. وكان الأمر يزداد غموضاً.. كلما خاضت الأقلام في حكاية محمود عبد العزيز!!.. وذلك حينما ادخلت الظاهرة في سياق آخر ليس هو سياقها.. محمود حالة جمالية.. وليس حالة سياسية.. مما جعل «الرحيل » المبكر لمحمود عن دنيانا.. يصبح حدثاً لا يفسر في الشكل الذي أتخذه في التعبير عن نفسه والموت.. موت كل الناس في كل الأحوال .. هو ارادة ربانية غير قابلة للاعتراض أو التفسير «واقعة الموت... » ولكن موت من نحب دائماً يصيبنا بمثل هذه الحيرة.. وبمثل هذه الدهشة الناتجة عن جهلنا بمصيرنا الشخصي.. فkتحول كلنا إلى اطفال صغار مرعوبين .. من هذا الشئ الخرافي المجهول.. «الموت»!! موت محمود.. هو هذه الصدمة.. هو هذه الدهشة امام هذه الميتافيزيقيا.. غير القابلة للتفسير لأنها حالة على درجة من التعقيد والتجريد العالي.. إذاً.. صوت محمود كان قد جسد هذا الشئ المجرد.. هذه درجة من درجات التعقيد هنا بالنسبة لموت محمود.. أما الأمر الآخر، فهو ان النقد الفني قد حول محمود من حالة جمالية محضة إلى حالة سياسية خالصة.. وذلك لأننا استخدمنا ادوات تفسير «نقد قديم» على حالة حداثية جديدة.. وهذا بال --- أكثر