
القاهرة ـ من محمود خيرالله: أتوقَّع أن يحتل كتاب 'يوميَّات الدولة الإسلامية في السودان' مساحةً واسعةً من النقاش، في الساحة الثقافية المصرية، كونه يسرد عبر رصد عناوين الصحف السودانية، كيف تم تطويع الشعار ولي أذرع المفاهيم، خلال رحلة تطبيق النظام السوداني لما اعتبره وسمَّاه 'الشريعة الإسلامية'. والحق أن تطبيق الشريعة بدأ هناك منتصف الثمانينيات من القرن الماضي أواخرسنوات حكم الرئيس الأسبق جعفر نميري، واستغرق الأمر من أهلنا الطيبين في السودان نحو ثلاثة عقود، قبل أن يثوروا على النظام الذي يرفع شعارات دينية، بعد نحو ربع قرن، مثلما رأينا قبل شهور، من تظاهرات 'لحس الكوع'، ضد ارتفاع الأسعار، الذي فرضه حزب 'المؤتمر الوطني' بقيادة الرئيس عمر البشير، من دون أن يمرَّ 'الربيع العربي' على محطة الخرطوم، ولو ليُلقي عليها السلام. المُدهش، أن حزب 'المؤتمر الوطني' السودانى، هو امتدادٌ طبيعي للفكر الإسلامى السياسى في السودان، والمرتبط بشخصيَّة الدكتور حسن عبد الله الترابى، المفكر الإسلامي والقانونى الشهير، ورمز الإخوان المسلمين في السودان، والذي كان يرفع شعارات متسامحة تعتمد على مفاهيم الرحمة والعدل الإسلاميين، فإذا بالرجل الذي ظل الخطيب المفوه 'الأول' في العالم العربي، وقد تحول وشعاراته بعد الجلوس على العرش، إلى نكبة على أرض الممارسة الواقعية، وفقاً للكتاب. وبينما اقتنع الرئيس جعفر نميري بالتدرج والمرونة في تطبيق الشريعة، وكان الترابي من رجاله، قبل أن يتحالف مع البشير فيما بعد، لانجاز ثورة 'الانقاذ الوطني'، التي تجسَّدت في انقلاب عسكري جديد على السلطة، سرعان ما تبيَّن أن الشيخ الماكر يقف وراءه بكل قوة. الكتاب، الذي جمع مادته وأعدها عبدالماجد عليش، يكمن سره، في أنه يلبي حاجة مصرية ملحة الآن، ويجيب على أسئلةٍ تتعلق بذات المصير، فالتيار الإسلامي الذي بات يحكم مصر بعد الثورة، صار يظن أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى من تطبيق مفهومه نحو 'الشريعة الإسل --- أكثر