
د. الشفيع خضر سعيد داخل جمهورية «بامبوزيا» الوهمية، تدور أحداث فيلم «الديكتاتور» للفنان المصري خالد سرحان، والذي قدم دور شخصيتين توأم، أبناء رئيس الجمهورية: «حكيم»، السياسي المتجهم دائما، والذي يشعر أن الأرض ومن عليها ملك له ولأبيه، لذلك كان يبيع كل ممتلكات الدولة حتى أنه باع «الكوب» الذي يشرب فيه والده الشاي، كما قام بتأجير قصر الرئاسة ليقيم فيه السياح والمستثمرون الأجانب. والإبن الثاني «عزيز»، مستهتر وتافه، همه فقط إشباع غرائزه التي بنى لها خصيصا قصرا تحت الأرض. والفيلم، كما يقول خالد سرحان، كوميديا سياسية تحمل إسقاطا على دول العالم الثالث التي تعاني مأزقا مأساويا نتيجة استبداد الأنظمة الحاكمة لفترات طويلة. لا أدري إذا السودان كان في ذهن خالد سرحان وهو يتحدث عن إسقاطات فلمه، ولكنه قطعا كان في ذهني وأنا أشاهد الفلم، مثلما كان في ذهني وأنا أستمع إلى أحدهم يقول أن الحاكم الذي «يكنكش» في الحكم لفترة طويلة، سيتعامل مع البلاد وكأنها شركته الخاصة المملوكة له هو وأبنائه وأخوته وأقربائه، إلا انه لا يديرها بالعقلية الحديثة التي تعمل على تدوير العمالة وتحسين أوضاعها، وتجديد دماء الإدارة، والإتيان بأفكار جديدة، إذ يرى في كل ذلك تهديدا لهيمنته، فيؤبد نمط الإدارة القديم ويبقي على الموالين حتى يتأبد سلطانه، وذلك على حساب الكفاءة والتحديث ومجاراة التطور، فتصاب الشركة/البلاد بالعجز والجمود، وتصل حافة الإنهيار، وتشتعل بنيران صراعات الوراث. والفلم والحديث ليسا مجرد فانتازيا ذهنية، ولكنهما يعبران عن حقيقة ماثلة للعيان، نشهدها في سيطرة حكم الحزب الواحد لفترة طويلة، تنتهي دائما بكارثة إنهيار الدولة أو إختناقها في نفق مظلم ومسدود. أنظر إلى مصير البلدان التي ظلت تحت حكم الحزب الواحد لفترة طويلة كالصومال والعراق وليبيا وسوريا. ويبدو أمرا بغيضا أن نضطر إلى لفت انتباه حكام الخرطوم إلى تجارب هذه البلدان ونحن نكرر العبارات عن نظام الحزب الواحد المتس --- أكثر