
إدريس حسن عندما زار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الخرطوم في التاسع والعشرين من اغسطس 1967م وذلك في اعقاب الهزيمة المروعة للجيوش العربية التى اشتركت في حرب 1967م، استقبلت العاصمة السودانية الخرطوم الرئيس جمال عبد الناصر استقبالاً يفوق كثيراً الاستقبال الذي لقيه يوم أن دخل العاصمة السورية دمشق بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا.. وما أن هبطت الطائرة المقلة للرئيس المصري حتى اقتحمت جموع الجماهير أرضية المطار مرحبة بالرئيس عبد الناصر ومنددة بإسرائيل ومطالبة الثأر منها دون ابطاء او تلكؤ.. وقال وزير خارجية مصر آنذاك السيد محمود رياض متحدثاً عن استقبال عبد الناصر: هذه أول مرة يستقبل فيها قائد مهزوم استقبال الفاتحين. وكان الرئيس عبد الناصر يبدو في نظر كل الذين شاهدوه عن قرب حزيناً، فقد كانت تبدو عليه حالة من الكآبة عبرت عنها عيناه الواسعتان وهو ينظر في الافق البعيد نظرة تعبر عن حالة من الحيرة بحثاً عن الأمل المفقود، وهو في اشد الحاجة اليه ليتجاوز به المحنة التى تعرضت لها مصر والامة العربية نتيجة لتلك الهزيمة القاسية التى ترددت اصداؤها في كل الدول العربية وايضا الدول الاسلامية، تعبيراً عما تعرضت له الجيوش العربية. وظهر عبد الناصر في اجتماعات المؤتمر وكأنه يحمل على كتفيه آلام واحزان السنين، ولكن ورغم ذلك كله علق كثير من المراقبين وفي مختلف عواصم العالم التى ظلت تراقب وتتابع اجتماعات القمة العربية في الخرطوم.. ان عبد الناصر قد دخل الخرطوم مهزوماً مهيض الجناح وخرج منها منتصراً وغنياً بثروة كبيرة، حيث كان مجموع الدعم لدول المواجهة الثلاث «مصر وسوريا والأردن» يزيد عن «147» مليون جنيه استرليني كان نصيب مصر وحدها «53» مليون.. في وقت كانت فيه مصر في اشد الحاجة للدعم المالي والاقتصادي لتسيير الحياة اليومية للمواطن المصري والإيفاء بأبسط متطلباته.. وقد كانت الدول العربية خاصة دول الخليج كالعهد بها سباقة لتقديم الدعم والعون متى ما كان ذلك مطلوبا --- أكثر