
د. عبدالوهاب الأفندي كان الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في العاصمة الاثيوبية اديس أبابا الأسبوع الماضي بين دولتي السودان وجنوب السودان لحسم ما بقي من الخلافات بينهما مفاجأة حتى للمتابعين عن قرب لهذه الملفات. فقد كانت كل الدلائل تشير في الأيام القليلة السابقة للاتفاق إلى عدم إحراز تقدم في نقاط رئيسية، أهمها ضمانات وقف دعم الجنوب للحركات المتمردة في الشمال، وانسحاب قوات جنوب السودان من منطقة سماحة التي احتلتها بعد انفصال الجنوب، وترسيم الحدود بين البلدين ووضعية منطقة أبيي. ورغم الضغوط المكثفة على الطرفين لإبداء المرونة، ومواصلة لجنة الوساطة بقيادة رئيس جنوب افريقيا السابق تابو امبيكي ليلها بنهارها في محاولة لابتكار صيغ تجيب على تحفظات الطرفين، إلا أن كل طرف تمسك بموقفه بعناد. بل إن فرق التفاوض دأبت في كل مرة على إثارة قضايا جديدة لم تكن مطروحة في السابق (حدث ذلك مجدداً في لقاء أمس الأول في أديس أبابا). هذا بالرغم من كون الطرفين تضررا كثيراً من تعثر الوصول إلى اتفاق، حيث كان اقتصاد الجنوب على شفا الانهيار، ولم تكن الأمور أفضل كثيراً في الشمال. ولكن التشدد مع ذلك ظل سيد الموقف، مع إصرار كل طرف على أنه قدم ما يكفي من تنازلات، وأن المرونة مطلوبة فقط من الطرف الآخر. وكانت الأطراف السودانية قد توصلت خلال العام الماضي، وبعد مفاوضات متعسرة، إلى سلسلة اتفاقات العام الماضي حول اتفاق النفط والإجراءات الأمنية، كان آخرها في سبتمبر من العام الماضي. ولكن خلافات حادة دارت حول آليات وتسلسل تطبيق هذه الاتفاقيات، تمثل في إصرار الحكومة السودانية على حسم ملفات الحدود والأمن أولاً، في مقابل تأكيد حكومة جنوب السودان أن الأولوية لفتح الحدود والتجارة والنفط. وكانت النتيجة أن الاتفاقات المهمة لم تتحول إلى واقع، ولم تترجم إلى إجراءات تخفف معاناة المواطنين. وقد وضع هذا الوسطاء في موقف لا يحسدون عليه، لأن كل مقترح يأتون به كان يواجه رفضاً قاطعاً من --- أكثر