
منى عبد الفتاح لجأت الحكومة السودانية إلى ما تبقى من شتات جماهير الحركة الإسلامية السودانية، الذين تركتهم على قارعة الطريق منذ أكثر من عقدين من الزمان. فقد قررت إحياء سنة التجديد وذلك بعقد مؤتمر الحركة العام الثامن من 15-17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. ولطالما حاولت حكومة الإنقاذ الوطني علناً فك الارتباط بينها وبين الحركة الإسلامية لتحتفظ سرّاً بأحقيتها بالتنظيم، ولكن دائرة الأيام كشفت ما تحلم به الحكومة من تقديم نموذج جديد للحكم تأسياً بوصول حركات إسلامية إلى السلطة بعد ثورات الربيع العربي. فبعد ستين عاماً من تأسيسها، ومن بعد تحول الحركة من حركة فكرية إسلامية إلى صاحبة نفوذ وسلطة يُستثار جدلٌ عن من هو أحقّ بميراث الحركة الإسلامية السودانية: هل هم أبناؤها المستبعدون أم إخوانهم القابضون على نعيم السلطة. وهل بالإمكان أحسن مما كان قبل أكثر من عقدين من حكمها كجسم مرادف للسلطة، ومن بعد أن ركلت الحركة الإسلامية الحكم الديمقراطي عام 1989 في تحالفها مع العسكر مستخدمة الديمقراطية نفسها وسيلة في القضاء عليها. هاجس قضية التأصيل سعت الحركة الإسلامية السودانية منذ نشأتها في أربعينيات القرن الماضي في أوساط طلاب المدارس الثانوية والجامعات، لأن تكون ذات تأثير اجتماعي وسياسي. ومنذ بدايتها متأثرة بحركة الإخوان المسلمين في مصر وضعت الحركة الإسلامية السودانية نفسها في مقابلة الحركة اليسارية الناشئة آنذاك حيث رأت أنها الأولى بالإجابة عن السؤال الوجودي المتعلق بالعدالة الاجتماعية والذي كان هاجساً أثاره القلق الذي أعقب الحرب العالمية الثانية. عملت الحركة الإسلامية لتحقيق تأثيرها الاجتماعي والسياسي وفق ما اقتضته الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية آنذاك. وقد انتهجت من خلال العمل التنظيمي نهجاً تمثل في دورها الحزبي وذلك تحت عدة أسماء على مرّ تاريخها وهي جبهة الدستور الإسلامي، جبهة الميثاق الإسلامي، الجبهة الإسلامية القومية ثم المؤتم --- أكثر